أنت والمنفى
تمدّ كفّها المرتبكة لنافذة الكلام تفتحها
ما عاد صهيل الخيل يرعبها
ولا هدير الطّوفان يربكها
تمدّ كفّها وتصهل معها
تمتطي صهوة الطّوفان منطلقة
أهطليه قال
قطرة منك وقطرة منّي
تعال إذا نجلس على أريكة الحرف قلت
نرقب المارّين إلى شوق البلاد
لا عتاد لهم
غير أحلام تناسلت
في أرض القصائد
وأطلقوا عليها اسم البلاد
هل قلت البلاد؟
أم وقع خطى طفل أضاعته أمّه
عند بوّابات المنافي
وصار رقما في سجلّ
تعدّدت الأرقام والبوّابات
والسّجلّ واحد
كلّما عبر إحداها كبر كثيرا
صار له أولاد وأحفاد
من نسل الحكاية
يحدّثهم كلّ ليلة
عن محاسن البلاد
لا يمرّ يوم دون أن يضيف للحكاية
أغنية عن الطّفل الّذي
تاه بين المنافي والبوّابات
والسجلّ الوحيد
مازالت رائحة زعتر الرّغيف
بين كفّيه
مازالت غصّة الرّحيل بين شفتيه
مازالت صورة الشّمس مصلوبة على التلّة
بين عينيه
ما زالت كلّ الحكاية
بين جنبيه
نصف الحكاية طار مع فراشات الأحبّة
صار أغنية
لا حزن فيها ولا فرح
نصف علق بثدي الحبيبة
صار وتد الخيمة
في البلاد الغريبة
والخيمة سماء
تحبل كلّ موسم ذكرى
فتجتاحك الرّؤى
وتصير البلاد حكاية
أقلت البلاد؟
أم صوتك المكلّل بعطر الصّنوبر
وعبق مسك اللّيل
هو صمتك المزهر بالمعجزات
يعطّر المسافات
ويتلاشى الغياب
ويصل إليك الّذي لا يصل
من طرقات لا تأتي
وتشرب الحكاية قطرة قطرة
اشرب
ستراها على مرآة النّبيذ
سترى وجهها عاريا من كلّ النّدوب
يؤجّج في كهوف اللّغة
حريق الاحتمال
فتسيل قواميسها
وتتذوّق في الصّمت
نبيذ الكلام
اشرب
ستسمع صوتها في المطر
بين منام ومنام
وتحطّ فراشة العمر على وتر الكلام
ستسمعك وردها وعبيرها
ستسمعك الحفيف في الحفيف
ستسمعك دويّ الخفق في الخفق
اشرب
ستكتب أنّنا جئنا
من أرض الرّؤى
أرهقنا التّرحال والجناح المتعب
ستكتب
كيف تعود الجبال إلى قممها
كيف تعود زيتونة وارفة إلى القفر
أقلت زيتونة؟
إذا سيتبعها التّين
ليصير التّين والزّيتون سياج الحكاية
والرّؤى استراحة على أريكة الحرف
فسيّج بضلوع الصّدر
أرض الرّؤى
واختر لك في المنفى
منفى يليق بك
~الشّاعرة ماجدة الظّاهري~
الشّاعرة ماجدة الظاهري |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.