نادي الشّعر: أبو القاسم الشّابّي، تونس ~~ نادي الشّعر: أبو القاسم الشّابّي، تونس ~~ نادي الشّعر: أبو القاسم الشّابّي، تونس ~~
إنّ الشّعر كلامٌ راقٍ يصنعه الإنسان لتغيير مستوى الإنسان ~ نزار قباني ~ إنّ الشّعر كلام راقٍ يصنعه الإنسان لتغيير مستوى الإنسان ~نزار قباني ~

الجمعة، 20 سبتمبر 2013

نصّ طفوليّ،،، كاظم مزهر


بعد أن لبست أجمل ثيابها وحملت باقة الورد.. هدية للعريسين.. قطعت الطريق بسنواتها العشرين..
(..حالمةً بالحفل والموسيقى.. ووجوه الأصدقاء... لكنّها لم تصل للآن.. هناك صوت انفجار.. ومنبّهات سيارات إسعاف.. وسيارات شرطة..)...
الشاعر كاظم مزهر
نصٌ طفوليّ

(* سميرة..)
صديقتي...
هل بدأ الغياب؟
أفتّشُ عنك في الوجوه والمقاعد الكثيرة
يقولون : هي في الطريق..
سينتهي الحفلُ عمّا قريب
العريسان سيُزفّان بعد أغنية
فلماذا أنت لا تأتين...؟!

صديقتي..
شاحب وجهكِ يتراءى في ضباب، داكن..
أمسافرةٌ .؟
أنت لم تطلبي منّي
مساعدتك في إعداد الحقائب
ولم تخبرني بذلك أحاديثُ المساء القديمة
بموعدٍ لك خلف الأفق الرمادي البعيد

لا... لا
يقولون هي في الطريق
ترتدي أثوابا جميلة
وإكليلا من الورد أبيض
تقطع الدرب بأحلام مخملية
لكنّني لا أرى في الحشد ظلّك
ومكانك يئنّ من فراغ أشبه بالنحيب
سيّدات الحفل يكثرن الثرثرة
والضحكات
أنا لا أسمع فيهنّ ضحكتك الجريئة كالصباح
يقولون هي في الطريق

آه...
ما أطول ذاك الطريق

صديقتي.....
أخاف عليك من العيون
التي تباغت العصافير بالرصاص
أخاف عليك حسدَ الأشباح
وكثرةَ الحديث عن الجميلات
أخافُ...أخافُ
من البلاد المفخّخة بالسواد
هل حقّا يقولون..
عانقكِ الرصيف وأنت تحلمين
بكرسيّ تدّخرهُ لك العروس
وانّك على موعد
مع المسافات التي لا تعود
أم ضللتِ في الأزقّة فلم تسمعي
صوت المحتفلين

صديقتي ...
لا أريد تصديق المقولة
فالورودُ لا تتخلى عن أصحابها
وهم يطيرون إلى بساتين الفرح
وهم يرفلون باخضرار العشب
في شرايينهم
....

صديقتي..
هل تعلمين ..
انتهى الحفل ..
وغادرنا الضيوف...
وجاء كلّ المساء، وها هو يهمّ بالرّحيل..
وأنت لا تأتين

أنا عند الباب أرقبُ طلّتَـكِ الغسقية
هيّأتُ المكان لمجيئك المعتاد
وحفظتُ لأجلك الحكاية
وفتحتُ النّوافذ
لأنّك ترغبين بدندنة النّسيم
وفي كلّ لحظة وأخرى تسألني أمّي:
لماذا صديقتك لا تعود..؟!
يقول أبي: يا صغيري لا تطل الانتظار
ماتت صديقتك على قارعة العابرين
واليوم تمضي في سفر بعيد

أجهشتُ حينها وأرعبني بالبكاء
هل انك حقا.. لن تطرقي الباب علينا بعد حين
وهل ستمرُّ الصباحات بلا ( صباح الخير) منك
وأنّي لا أصادفك بعد اليوم في السوق كالآخرين
كم هو قاس مخلبُ الموت
وكم أنا حافل بالحزن..

صديقتي ...
يقتلني الأسى
وينهشني حنيني الطفوليّ
إلى وجهك
إلى صوتك
إلى ضحكتك
إلى عينيك الحزينتين
إلى حضورك في الحياة

آه... صديقتي
كم سأحتاج من الدمع
لأعرب عن وفائي
كم سيلزمني من الأيّام واللّيالي
لأكفّ قلبي عن ذكرك الطّويل
كم أحتاج من الحكمة..
لأفهم معنى الموت
وأنّك ستصبحين ذات يوم
مجرّد رقم في خساراتي الكثيرة

وداعا...

وداعا..

صديقتي..

علَّ الله يمنحكِ هدوءا في جنائنه الفسيحة
شعر: كاظم مزهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

free counters