نادي الشّعر: أبو القاسم الشّابّي، تونس ~~ نادي الشّعر: أبو القاسم الشّابّي، تونس ~~ نادي الشّعر: أبو القاسم الشّابّي، تونس ~~
إنّ الشّعر كلامٌ راقٍ يصنعه الإنسان لتغيير مستوى الإنسان ~ نزار قباني ~ إنّ الشّعر كلام راقٍ يصنعه الإنسان لتغيير مستوى الإنسان ~نزار قباني ~

الخميس، 11 أكتوبر 2012

سأنتخب،،، شعر: لطفي الشّابّي



" لا تنتخِبْ ! "
كذا قال لي صاحبي في حَريقِ الكلامْ
وألقى مَعاذيرَهُ المُحْكَماتِ
على هَامَةِ الواقفِ المُستعدِّ لِزلزاله
كذا حَبَّر الخَيْبةً الجارِحَه
إذا ضجّت الأغنياتُ بأعماقه
وسدّت سَماها طُيور الظّلامْ
كذا أغمد الصّمتَ في صوْتِهِ
وعضَّ بجمْر الحُروف
كطَلْحٍ عَجُوزٍ على موْتِهِ ثُمَّ غَـــامْ
*    *    *
" لا تنتَخِبْ !"
فحبْلُ الخَلاصِ قَصيرٌ
وغارِقَةٌ بِئْرُ مَن قايَضوا فجْرَنا المُشتَهى
بِسرابِ الكَـلامْ
وإنّي لأَعْرفُهمْ أجمَعينَ، وأشْهَدْ:
سماويَّةٌ جَبْهتي عنْ ثراهُم
وواطِئةٌ وَهْدُهمْ كالرُّفاتْ
لهذا سأعْلو
فَلِي في خِضمّ الخَراب المُحيطِ
دَليلٌ إلى واحةٍ مِن ضِرامْ
ولِي نبْعُها، كُلّما عَاندتْ بِئرُها
وحزّتْ شرايينَها الحادثاتْ
تفجّرتِ الأعيُن الهادِره
وضاءتْ مواعيدُها في دمي
فأشْعلتِ الأنْجُمَ المُطفآتْ
*    *    *
وإنّي الشّهيد
وقد كان لي فوْقَ هذا التّرابِ اللّظى
ما لم يكنْ عِنْدَ بدْءِ الرّحيل الأليمِ
وما ليسَ لي في ظِلال الخِتامْ
ولكنّ لي رَسْمِيَ الواقفَ المُستهامْ
ولي مِنْهُ مرآةُ صُورتِه الشّامِخَه
مُنذُ خَمسينَ عامًا وعامْ
تُرتِّبُ أسماءَها في الدّروبِ القَتادِ
وترسُمُ آلاءَها في الفَضاء الرّمادِ
وتنقُشٌ أحْرُفها في مَدار الغَمامْ:
لي لامُها:
فَلكٌ لا يَلُوكُ لآلِئَهُ
يُلاسنُ دُولاب قَوْلٍ يُعلِّبُ أخْيِلَةً كالمَنايَا
ويَفْتِلُ أُحْبُولَة اللَّحْظةِ اللاَّهِيَه
طَاءُ الطّريقِ
وطَيْفٌ طَليقٌ يُطِلُّ على وَطَنِ الطَّلْحِ والطّأْطأَه
فاءُ الوفاءِ
فَيْءٌ يُفاوِضُ فَوَّارَةَ الفَوْتِ
يفْضحُ فُوهَتَها الفَاغِرَه
وفَارِسُ فِتْنَتِهِ الفَائِتَه
ياءُ الينابيعِ
يَمَامٌ يُهاجِر في غَيْمَةٍ مِن ضِياءٍ
ويَحْمِلُ ألْوِيَةَ الفَاتِحينَ ويَحْلُمُ كاليائِسينَ جميعا
بِوحْيٍ مُبِينٍ يُطهِّرُه من أنِينِ الرَّحيلْ
ولَيْس لي يا رفيقَ الحُروفِ
سوى ظلّ هذا الرّحيل الطّويل إلى صورة الوطن النّاصعه
فإن هبّتِ الرّيحُ أو جار قيْظ الزّمان
هزّتْ أناملها بلسما أو وِشاحَا:
واوُ الولادةِ والخطوة الواثقه
وَجيبُ الوِهاد
وَميض البروق ووعد الوصول وهَوْل الأفولْ
طاء الطّهارة والطّيب
والطّلقةِ الطّالعه من طنين الطّريق المطلّ على الطيّبين
نون النّهاية والمنتهى
ضياءُ النّشيدِ ونجمة فـتْنته النّاهده
فلا ضيْرَ إن جاوَرتْني الغُيُومُ وجارتْ
وحطَّتْ على راحتَيَّ النُّجومُ وطارتْ
ولا ضَيْرَ إنْ أبْرَقتْ لُغَتي في سماء القصيد
وقامَتْ عَواصِفُها في سماء البلاد وثارتْ
وأهدتْ مباهجها والصّفاء لجوع الغُزاة ومكْر الخَلائِفْ
ولا بَأسَ إن خَانني مَوْعِدٌ آخَرُ
وأخْطأتُ رَسْمَ تفاصيلِ ملمحهِ المُشتهى
وعاوَدَني الوَجَعُ الثّائِرُ
سأقْفُو مَسارَ الغمَام البَعيد إذنْ
وأستدْرِجُ الغيْمَةَ الهارِبَه مِن ضَلالِ اليَمينِ
وجُبْن الحِيادِ ووَهْم اليَسارِ وجَوْرِ الطّوائِفْ
سأقْفُو مَسارَ الغمــامْ
فَلِي مِنْهُ مَلْمَحُهُ المُكْفَهِرُّ
وَلي بَوْحُهُ البارِقُ المُسْتَدَرّ
وقَافِيةٌ مَاضِيَه لا تَفِرُّ وَلا تَرْتضي مُدْخَلات المَلامْ
سأَقْفُو مَـسارَ الغَـمــامْ
وأنْتَخبُ للقُرَى الغافِلاتِ حَرائِقَها الجائِعاتْ
سأغْذُو أعاصيرَها النّاسفاتْ
وأحْدُو صَواعِقَها الرّاجماتِ
وطُوفانَها المُستبِدَّ الذي لا يُضَامْ
سأقْفُو مَـســارَ الغَـمَــامْ
وأنتَخِبُ مُفْرَداتِ نَشيدي
وإيقاعَها المُشتهى مِنْ وَريدي
ومِعْراجَها الآخَرَ المُسْتَجِدَّ الذي لا يُرامْ
سأقْفُو مَسارَ الغَمــَامْ
سأنْتَخِبُ المُفرداتِ اللَّهبْ
سأنْتِخبُ الأحْرُفَ الحارِقاتِ وعاصِفَةً لِهَشيمِ الخُطَبْ
سأنْتَخِبُ يا رفيقَ الحَريقْ
مَضاءَ النّشيدِ وحَدَّ الطَريقْ
فقدْ ملَّتِ الرُّوحُ هذي المَراثي التّي لا تُقالْ
ولمْ يَبْقَ لي غيْرُ هذي الخُطى الواثِقَه
والوُصولُ المُحَالْ !...


~لطفي الشّابي/ 03 أكتوبر 2011~

الشّاعر: لطفي الشّابّي


هناك 5 تعليقات:

  1. سأنتخب...............أرجو من الأدارة الكريمة تغيير العنوان لوروده خطأ.

    رائعة من رائع كانت هذي القصيدة الباذخة مبنى ومعنى ..بوركت أخي لطفي .وطيّب الله أنفاسك بالحرف الجميل.
    علاء الأديب
    العراق

    ردحذف
    الردود
    1. كلّ الشّكر للشّاعر الصّديق والنّاقد علاء الأديب... نحاول يا صديقي أن نغالب هذا الدّمار ونحاول بما نستطيع ان نؤخّر حركة زحفه السّادرة.
      شكرا كذلك لمن قادني إلى هذا النّادي الجميل وإلى كلّ أعضائه الطّيّبين الذين أجدني قد اصبحت واحدا منهم قبل أن ألتقيهم.

      حذف
    2. شكرا لك الشّاعر علاء. قد أصلحت العنوان. سأنتخب.
      الشّاعر لطفي له أنفاس طويلة عميقة لاحظتها في قصائده الّتي قرأتها. حتّى أنّي أعدت إليه هذا القصيد لإعادة توزيع الأسطر لأنّها كانت طويلة. ولم يُسئ إليها الطول-كان لسبب تقنيّ- فالطّول يجعل القارئ يتابع القصيدة وقد أرهِقت أنفاسه أيضا.
      غمرنا الشّاعر لطفي بجرأته في التّعامل مع الأوضاع في البلاد، وهذا لَعمري ما يُرجَى من الشّعر، أن يتعامل مع الواقع بصدق. سواء كان واقع الفرد أو واقع المجموعة.

      حذف
  2. تصويب آخر: ولكنّ لي رسميَ الواقف المُستهامْ / حذف حرف الجرّ: في.

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا شاعرنا على ملاحظتك. أنا أقرأ النّصوص جميعها وأشكل أحيانا، ولكنّي لم أضف لشعرك شيئا. فلغتك لم تكن تحتاج إلى مراجعة، مع ذلك قرأت القصيدة مرّات، إعجابا بأسلوبك الشّعريّ السّاحر.
      مزيدا من التألّق.وننتظر جديدك، وحضورك بيننا في ناديك في جلسة من جلساته.

      حذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

free counters