القصائد النّثرية لأبي القاسم الشّابي
بقلم: الشّاعر سوف عبيد
إنّنا نُرجع سبب السّكوت عن قصائد الشّابّي النثرية أو إدراجها مع
غيرها من أجناس الكتابات الأخرى لديه، أو اِعتبارها مجرّد بدايات لا تستحقّ النشر
أو الدرس، إلى عدم وضوح مقاييس قصيد النثر و إلى اِلتباس معالمه المميزة تلك التي، رغم اِنتشار
هذا النّوع الجديد من الشعر، و رغم اِنقضاء أكثر من قرن على ظهوره في مدوّنة الأدب
العربي المعاصر، لا تزال من دون تحديد قاطع و مضبوط ولعلّ المسألة تتطلّب التراكم
النوعيّ والتواتر والاِمتداد الزمني و تواصله لإنشاء التنظير الخاصّ به وهو الأمر الذي
يتطلّب جهودا جمة على مدى أجيال.
في هذا السياق إذن يتنزّل هذا العمل الذي نطمح من خلاله أن نخلّص
القصائد النثرية لأبي القاسم الشابي ممّا علق بها على مدى السنوات الطوال من
تصنيفات غيرها من النّصوص و ملامساتها، و إيلائها المكانة الجديرة بها بعيدا عمّا
أسند إليها من أحكام متسرّعة أو عامّة .
و بهذا نظهرها في شكلها الخاصّ و المستقلّ و في إخراج يلائم توزيعا
فنّيا للفقرات والأسطر يساعد على قراءتها بيسر ووضوح على نمط أسلوب الشّعر النثريّ
الذي يوحي بما في دفق الكلمات و الجمل من معان وصور وإيقاعات و كما كتب الشابّي
البعض منها أيضا و مخلّصين إياها من إجحاف الطبعات السابقة وشوائبها و مُرتّبينها
ترتيبا زمنيا، قدر الإمكان، حتى تكون بين يدي أحبّاء الشابي وقرائه منهلا عذبا بما
فيها من إمتاع و كي يقتفي الدارسون و المختصّون ما تجلّى فيها من إبداع يضاف إلى
شعر الشّابي الزّاخر بنبض الوجدان وصدق المعاناة.
إنّ مدوّنة أبي القاسم الشابّي ما تزال في حاجة إلى تحقيق ونشر
وبحث آملين أن ترى جميع كتاباته النّور سواء تلك التي مازالت مخطوطة من رسائل
وغيرها أو تلك النّصوص الأخرى الّتي نشرها في بعض مجلاّت عهده و جرائد تلك السنوات
و التي نأسف أنّنا لم نتمكّن من الوصول إليها جميعا حيث أمسى الكثير منها مفقودا
أو كالمفقود طالما أنّ الباحث لا يتمكّن من العودة إليها في أماكنها الأصلية التي
من المفروض أن توجد فيها بحفظ ورعاية، و ذلك عند متطلّبات البحث و دواعي المقارنة
والتحقيق كما الحال في قصيدة:" أغنية الألم" أو غيرها من القصائد الأخرى تلك التي لا تقل
شأنا عن بقية روائع أبي القاسم المعروفة...
حسبنا من إخراج هذه النّصوص الشعرية ونشرها مستقلّة تحت العنوان
الذي وضعه الشابي نفسه وهو "صفحات من كتاب الوجود" أن تظهر للناس كما أراد لها
الشابي و تمنّاه حيث ـ ساعد الدهر و أشفق الله ـ فله الحمد وهو وليّ التوفيق.
~الشّاعر سوف عبيد~
عن كتابه صفحات من كتاب الوجود
الصّادر عن بيت الحكمة في 2009
عن كتابه صفحات من كتاب الوجود
الصّادر عن بيت الحكمة في 2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.