نادي الشّعر: أبو القاسم الشّابّي، تونس ~~ نادي الشّعر: أبو القاسم الشّابّي، تونس ~~ نادي الشّعر: أبو القاسم الشّابّي، تونس ~~
إنّ الشّعر كلامٌ راقٍ يصنعه الإنسان لتغيير مستوى الإنسان ~ نزار قباني ~ إنّ الشّعر كلام راقٍ يصنعه الإنسان لتغيير مستوى الإنسان ~نزار قباني ~

الخميس، 5 سبتمبر 2013

بُونْجُور بَاريس،،، سُوف عبيد

الشّاعر سوف عبيد، أمام معهد العالم العربي بباريس


بُونْجُور بَاريس

صباحُ الخير باريس
وبغُنّةٍ خفيفةٍ مَع الرّاء
ـ بُونْجُورْ ـ
خريفٌ قادمٌ مع أوراق شَجر الطرقات
صفراءَ حمراءَ وفي لون البُرُنز
مرحَى للأرصفةِ
أعوانُ البلدية يُمَشِّطونها كلّ صباح
ثمّ يرُشّونها بالخُزامَى

* * *
صباحُ الخير باريس
وبغُنّةٍ خفيفةٍ مع الرّاء
ـ بُونْجُور ـ
أهلُ مَكة أدرى بشعابها
وأهلُ باريسَ بأنفاقِها أدرَى
على قَدر طول بُرج إيفَلْ
بَلى... هيَ في الأرض أعمقُ
أنفاقٌ
في أنفاق
تحتَ أنفاق
ومن مِيترُو إلى ميترُو
ومن صِراطٍ على صراط
أسيرُ حثيثا والصّراط يسيرُ
وصلتُ إلى محطة ـ نُتُرْدَامْ ـ
هُنا
الحيُّ اللاتيني
نهرُ السّانِ والصُّوربُون
جان بُول سارتر وسِيمُون دِي بُوفوار
إلزا ولويس أراغُون
هُنا
مَدامْ دي بُوفاري وأحدبُ الكنيسة
بُودْلير وجاكْ بريفار
شارل أزنافُور وميرَاي
هُنا
الرسّامُون
النحّاتون
العازفُون
المسارحُ
الأفلام
المتاحفُ
المعارضُ
هنا
النّاسُ الغادون والعائدون
السائحُون
والمُشرَّدون والأثرياء
هُنا
الكتُبُ على الأرصفة
حولها النّاس يتكدّسون
يتصفّجون ويشترُون
هنا
على ضفّة النهر
المكتباتُ مكتبة ٌ بجانب مكتبةٍ أمام مكتبة
اِقرأ....اِقرأ
يقرؤون...
في المحطات يقرؤون
في المترُو يقرؤون
في الباص
في المقهى
في المطعم
في الحدائق
في الطائرة
يجلسون يقرؤون
يمشون يقرؤون
ينامون يقرؤون
حتى المتسوّلُ ـ واللّهِ ـ رأيتُه يقرأ
...
وأمّةُ ـ اِقرأ ـ لا تقرأ
فقط
تتفرّجُ في المُسلسلاتِ
وشيوخِ التلفزيون

* * *
صباحُ الخير باريس
وبغُنّةٍ خفيفةٍ مَع الرّاء
ـ بُونْجُورْ ـ
الأبيضُ الأسمر ُ الأصفرُ
إفرنجٌ جَرمانُ عجمٌ زنجٌ بربرٌ عربٌ
أرمنُ غجر حبشٌ صَقلبٌ أمريكانٌ
هاوايْ صينٌ يابانُ
مِللٌ نِحلٌ مذاهبُ وأديانُ
خلاصةُ الزّمان والمكان
الذي بِربطةِ عُنق الذي بجينز الذي بلحية
الذي بقميص الذي بشعر طويل الذي يَعقُصُهُ
الذي يُرسلُه والأشعثُ والأصلع
الذي بقُبّعة الذي بعِمامة
والتي بِفُستان التي بسروال التي بلباسِ طويل
التي بلباسِ قصير التي بشُورْتٍ التي بِشال
التي بخِمار التي بجلباب
والتي كأنّها بلا ثيابِ

* * *
صباحُ الخير باريس
وبغُنّةٍ خفيفةٍ مع الرّاء
ـ بُونْجُور ـ
أسيرُ ونَهْرَ السّانِ الهُوينَى
وئيدًا والنّهرُ يجري
مع ـ الأيّام ـ وطهَ حسين ـ أسير
مع ـ توفيق الحكيم ـ و ـ العصفُور من الشّرق ـ
ْطارَ ولم يَطر
حتّى إذا خرجَ ذات يوم منَ القفصْ
وقُلنا هذه آخرُ الفُرصْ
نتّفوا ريشَه
ثمّ أجهزوا عليه
بالسّيوف
بالسّكاكين والمِقصْ
أسيرُ
عكس جريان النّهر
والشمسُ على جبيني
يُقابلني ـ معهدُ العالم العربيّ ـ
أسيرُ
في كل شِبر من بلاد العَربِ حرب
أو فتنة
أو شِقاقْ
بين إخوةِ ورفاقْ

* * *
صباحُ الخير باريس
وبغُنّةٍ خفيفةٍ مع الرّاء
ـ بُونْجُورْ ـ
قلتُها وأنا أدخلُ المقهَى المُقابلَ
وهَل أحدٌ رَدّ التحيّةَ
بِمثلِها
ولا بِأحسنَ منها...
الشّاعر سوف عبيد

هناك تعليقان (2):

  1. حيتنا القصيدة بلونها الباريسي ...المزركش ..والملون ..باشكال المعمار والحياة والانوار والانسانيات ....فمرت ...علينا مشاهد متراصة من خلال تنائيات التضاد في اللغة والحياة ...ليكشف لنا الشاعر ..مدى التقدم ...في قمة الاختلاف .وما ان ..عبر بنا جسر الابيات السان ومراكبة السائرة ...وانوار مياهه ...الى موقع جغرافي ...اسمه معهد العالم العربي .حتى .. نفذنا مع الشاعر الى وجع العروبة ...المتقد ..تخلفا واقتتالا..في احلك مرحلة من تاريخنا .ويقفل القصيد بتحية ويبرز الشكل الدائري ..وكان العالم الذي اولد القصيد مغلق على نفسه ..نراه ولا ناخذ منه..قصيد يحمل ذاكرة ادبية لشاعر ...تفنن في اخراج ..المعاني الجميلة والعميقة في كساء اسلوب لغوي بسيط ...وذاكرة تاريخية ...دمت مبدع استاذي ..سوف عبيد

    ردحذف
    الردود
    1. جميل مرورك ومفيدة قراءتك للقصيدة، شكرا جزيلا أيّها الصّديق

      حذف

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

free counters