![]() |
الشّاعر: خلف دلف الحديثي |
قراءة في قصيدة للشاعر خلف دلف
الحديثي
صلاة في حضرة الوجع
صلاة في حضرة الوجع
حين يكون الكلام في حضرة الكبار فهو تعويذة الرّوح
والنّاطق الصّحيح والصّادق بآلام الأمة وآلامه... إنّه الشّاعر العراقي خلف
دلف الحديثي.
شاعر امتلك ناصية الحرف فشدّ الوثاق إليه، وامتلك بيان الصّورة الشّعرية الرّاقية والتي تكاد أن تكون شخوصا تتكلّم نحسّها وندركها، شاعر أتت مشاعره طاغية في حروفه فتغزّل فأتى رقيقا عبر إلى حدود التوحّد بالحبيبة، اصطحب الحزن أطلقه نشيجا رقيقا ولكنّه لم يتّسع لأن يكون صامتا، فأتى صوته نداء الدّم حين يستفزّ الألم، ليزوّدها بارتعاش الحرف في حنايا الرّوح، صوت يجيء في الوحدة مطرا ليسقي بها شتات البين ويلملم أصداء الصحبة وأصواتهم، شاعر أسرج من دموعه قناديل وجعل منها ندامى تضيء عتمة الوهم، شاعر جعل للغياب معاول تحفر قساوة هذا الوهم السّقيم بالأمّة، فلمن تراهُ يشكو همّه؟
شاعر أثّثته فضائل كثيرة فأغنت تجربته بحلم أخضر، أناخ خيالا جامحا في زمانِ تعرّى من ثقة الكلمات والأحاسيس، فغفى على يانعات الثّمار بيده اليمنى كتب للشّعر فروضا تتلى إذا ذُكر الكبار وبيده اليسرى عانق محراب الألم ليهدلَ في صميم الجفاف، هطول حرف وذكاء توهّجت في صبح شاخ انتظاره. رجل يعصر قلبه ليكتب فنتاجه خلاصة روح تطوف أرجاء الألم وتتعامل مع الجراح بالكيّ وتقوى على ابتلاع حشرجة تعوم في بحر القسوة والمأساة ليوزّع شرايينه قصائد حبّ وألم، فخر واسترجاع ماض، فارس قد أعتق القصيدة الواحدة من عبوديّة الموضوع الواحد والغرض الواحد فأتت القصيدة متنوّعة الأغراض تجوب حسّه وتستنطق مشاعره ..
فكانت لغته غريبة الأسرار والوجع يستنطق الزوايا والشوارع، الطير والشّجر والماء والحجر، وطني الرّوح والميلاد حمل الوطن في كلّ حرف قاله ولم يكتف بل حمل حبّ البلاد العربية فكان لنشيد بلاد العرب أوطاني انفلات الرّوح المتلهّفة إلى لملمة جراح كلّ العرب لتكون أشعاره بسملة حقيقيّة يقرؤها فتنتشي الجراح وتلتئم، ويكفيني فخرا أن أحتفي بمن حمل بلد الياسمين في روحه هوى وحبّا لا ينتهيان، فباسم سورية الجريحة وكلّ سوري حرّ شريف أتقدّم بالتحيّة وفائق التقدير لكم شاعرنا الكبير،، ومن حسن طالعي أن تشرّفتْ روحي بتلاوة هذا الوجع الرائع حرفا وشعرا قراءة أدبية لأتعمّق في صميم الذّات الشّاعرة لشاعرنا الكبير ولقصيدة طالما تأثّرت بها ملامح ألم قد يكون لامس ذات الألم الّذي أعاصره ...
شاعر امتلك ناصية الحرف فشدّ الوثاق إليه، وامتلك بيان الصّورة الشّعرية الرّاقية والتي تكاد أن تكون شخوصا تتكلّم نحسّها وندركها، شاعر أتت مشاعره طاغية في حروفه فتغزّل فأتى رقيقا عبر إلى حدود التوحّد بالحبيبة، اصطحب الحزن أطلقه نشيجا رقيقا ولكنّه لم يتّسع لأن يكون صامتا، فأتى صوته نداء الدّم حين يستفزّ الألم، ليزوّدها بارتعاش الحرف في حنايا الرّوح، صوت يجيء في الوحدة مطرا ليسقي بها شتات البين ويلملم أصداء الصحبة وأصواتهم، شاعر أسرج من دموعه قناديل وجعل منها ندامى تضيء عتمة الوهم، شاعر جعل للغياب معاول تحفر قساوة هذا الوهم السّقيم بالأمّة، فلمن تراهُ يشكو همّه؟
شاعر أثّثته فضائل كثيرة فأغنت تجربته بحلم أخضر، أناخ خيالا جامحا في زمانِ تعرّى من ثقة الكلمات والأحاسيس، فغفى على يانعات الثّمار بيده اليمنى كتب للشّعر فروضا تتلى إذا ذُكر الكبار وبيده اليسرى عانق محراب الألم ليهدلَ في صميم الجفاف، هطول حرف وذكاء توهّجت في صبح شاخ انتظاره. رجل يعصر قلبه ليكتب فنتاجه خلاصة روح تطوف أرجاء الألم وتتعامل مع الجراح بالكيّ وتقوى على ابتلاع حشرجة تعوم في بحر القسوة والمأساة ليوزّع شرايينه قصائد حبّ وألم، فخر واسترجاع ماض، فارس قد أعتق القصيدة الواحدة من عبوديّة الموضوع الواحد والغرض الواحد فأتت القصيدة متنوّعة الأغراض تجوب حسّه وتستنطق مشاعره ..
فكانت لغته غريبة الأسرار والوجع يستنطق الزوايا والشوارع، الطير والشّجر والماء والحجر، وطني الرّوح والميلاد حمل الوطن في كلّ حرف قاله ولم يكتف بل حمل حبّ البلاد العربية فكان لنشيد بلاد العرب أوطاني انفلات الرّوح المتلهّفة إلى لملمة جراح كلّ العرب لتكون أشعاره بسملة حقيقيّة يقرؤها فتنتشي الجراح وتلتئم، ويكفيني فخرا أن أحتفي بمن حمل بلد الياسمين في روحه هوى وحبّا لا ينتهيان، فباسم سورية الجريحة وكلّ سوري حرّ شريف أتقدّم بالتحيّة وفائق التقدير لكم شاعرنا الكبير،، ومن حسن طالعي أن تشرّفتْ روحي بتلاوة هذا الوجع الرائع حرفا وشعرا قراءة أدبية لأتعمّق في صميم الذّات الشّاعرة لشاعرنا الكبير ولقصيدة طالما تأثّرت بها ملامح ألم قد يكون لامس ذات الألم الّذي أعاصره ...
صلاةٌ في حضرةِ الوَجَعِ
"صلاة في محراب الوجع" عنوان يفيض إحساسا وألما وكما نعلم بأنّ الرّوح في الصّلاة تكون في تمام الخشوع لله تعالى والألم كثيرا ما يجعلنا نستسلم للسكينة فهذا المنولوج الداخلي رائع بأن يطرح ببضع مفردات ليوجز ماهية النصّ ويبثّ شيئا ما من مكنوّناته النفسيّة سيما وأنّ العنوان هو أحد الركائز الأساسية لأيّ نصّ شعريّ. تغزّل فأتى رقيقا عبا إلى حدود التوحد بالحبيبة، اصطحب الحزن أطلقه نشيجا رقيقا ولكنه لم يتسع لأن يكون صامتا، فأتى صوته نداء الدّم حين يستفز الألم، ليزوّدها بارتعاش الحرف في حنايا الرّوح، صوت يجيء في الوحدة مطرا ليسقي بها شتات البين ويلملم أصداء الصحبة وأصواتهم ، شاعر أسرج من دموعه قناديل وجعل منها ندامى تضيء عتمة الوهم، شاعر جعل للغياب معاول تحفر قساوة هذا الوهم السقيم بالأمة ، فلمن تراهُ يشكو همه ؟
أمشي وَخَطْوُ دمي نارٌ تُصفِّدُهُ = وَصوْتُ
جرْحي بخيطِ الرّوحِ أعْقدُهُ
بالرغم من النار التي تصفّد دمه فهو يمشي
والإتيان بالفعل بصيغة الحاضر له دلالة بليغة تجعلنا نحيا الحالة التي يعيشها
الشاعر من خلال هذه اللّغة البليغة والتشبيه الرائع بأنّ الدّم يخطو أتى لينطق
الحسّ الوجداني العميق لدى الشاعر ويردفه الصوت الذي يأتي بالضجيج فللجرح صوت
والروح تعقده بخيوط من الألم:
هذي خطوطُ يدي بصّارتي قرأتْ = بعضَ الملامحِ من
مَاضٍ تمَجِّدُهُ
إن الاشتغال هنا على الدلالات من رموز وتشخيصات
يجعلنا نقف أمام روح شاعرة ثرّة بمضامين اللّغة فهو لا يتأرجح بين البحث عن
المفردة وبين ما يناسب الموقف فالصورة تعبر عن وجدانية تفرض نفسها في الحالة
.
حملقْتُ في يدِها حتى اقتَفَتْ أثري =
فأرْجََحتني وَجِلبَابي تُقدِّدُهُ
تشبيهان رائعان هنا الحملقة في اليد لقراءة ما
يغيب واقتفاء الأثر لمعرفة خطو أقدام هنا المزاوجة بيت هاتين المفردتين خلقت
بدواخلنا إيحاء بأن ليس من السهل نبش المكنون الحسّي والمعنوي لدى الشاعر ويستأنف
القول بإبساط الفعل تقدّد ليزيد من شمولية هذا الاستبطان اللّغوي الرائع
.
فعدْتُ مِنْ حَرِّ أنفاسي بلا وطنٍ = فصارَ بي
وطني اللاءاتُ تجلدُهُ
مُعَطَّرُ الجرْحِ غابَتْ فيه خطوتُهُ = وقد تهدَّمَ للاشيءِ مَسْجِدُهَ
مُعَطَّرُ الجرْحِ غابَتْ فيه خطوتُهُ = وقد تهدَّمَ للاشيءِ مَسْجِدُهَ
هذا الوجع الدّفين لدى الشاعر ليس بالوجع المادي
بل هو وجع روحي هو ليس كمن تتعب أنفاسه من سير طويل ولكنّه من سياط تكالبت عليه
فأمست تجلده باللاءات الوطن وهو تراجم وجع وجداني يقظ لا ترمّمه أفراح معيّنة وكأنّه
هنا بنبش وكر خديعة رُمي بحبائلها الوطنُ ولكن بأسلوب استدلالي راقٍ بين ربط ذاتي
وهو الجرح الروحي وبين ربط مادي وهو الهدم .
حتى غدا شبَحاً مجْدٌ يُرمِّمُهُ = وفيهِ جاءَتْ
أكفُّ اللهِ ترْفدُهُ
أضاءَ وجْهَ الدّنا مُذ أدْلجَتْ حِقَبٌ = وَمَدّ خيطَ السّنا بالأفْقِ فرْقدُهُ
أضاءَ وجْهَ الدّنا مُذ أدْلجَتْ حِقَبٌ = وَمَدّ خيطَ السّنا بالأفْقِ فرْقدُهُ
هنا يتمسّك الشاعر باسترجاع قوي يبعث في الذات
الشاعرة الأمل من جديد فهو يستند إلى قوّة لا تعدلها قوّة وهو إيمانه القويّ بالله
عزّ وجلّ فهذا الوطن سليل ضياء وصانع حضارة وشاهد مجد في حقب عديدة وما بين
الفعلين الماضيين أضاء ومدّ بحنكة مميّزة نلوذ إلى التحليل المنطقيّ لحوار مبطن
بين حاضر يعصف بالجراح وبين ماض لم يزل قائما. وهذا يقودنا إلى تفسير التأزّم الذي
يحياه الشاعر في الربط بين الماضي والحاضر ولكنّه يأتي ليُدرجَ تعابير على غاية من
الأهمية كالسنا والأفق والفرقد ليكمل المشهد الشعريّ جماليته روحا وعاطفة، ويلفت
انتباه القارئ إلى تعزيز تاريخي من خلال تقنية إحضار مفردات تعطي معنى متضمّنا في
البيت الشعري ككلّ
وشادَ صرْحَ الهُدى حتّى اهتدَتْ أمَمٌ = وراحَ
يهدي الذي مَنْ ضلَّ (أحْمدُهُ)
وقد رأيْتُ بأضلاعي ازْدهَى عطشي = وطافَ في
جُرْفِ أوْجاعي تمرُّدُهُ
وهنا نطلّ وبترقّب دقيق إلى متعة الانفعال لدى
الشاعر فبالرغم من المعاناة والجراح فهو لا يتأفّف عن الحمد والثناء والقوسين أتيا
لينهضا عزيمة لدى الشاعر يستمدّها من الإيمان فالعطش يزدهي فهو تشكيل رمزي جميل
وأين؟ في الأضلاع ليثني على هذا العطش الروحي /فهو لا يملّ تمرّد الأوجاع والتي
تطوف أنحاء جسده هو تعبير إيحائي راق|ٍ ينبي بثورة داخلية سرعان ما تتفجر إلى أنين
الصوت في البيت التالي ..
صوْتي أنينٌ وميلادي به ثبتَت = كلُّ المآسي
فأدْماني تنهّدُهُ
قد صرْتُ كالصَّمْتِ صوْتي لا يناغِمُني = ولا بريدي به يأتيكَ هُدْهُدُهُ
قد صرْتُ كالصَّمْتِ صوْتي لا يناغِمُني = ولا بريدي به يأتيكَ هُدْهُدُهُ
عندما يتحوّل الصوت إلى أنين دلالة مطلقة بأن
الوجع عميق فكيف إن رافق شاعرنا منذ ولادته؟ هنا الأنين ربط معنوي وإشارة واضحة
لفهم الشاعر الداء والدواء معا ولكنّه ينتظر شيئا يغير الواقع ويقلب الصورة فأتى
بالمفردة التنهد يدميه فأتت توظيفا جميلا هنا . وكذلك الربط الديني بين الهدهد والبريد
إشارة ملحة لفجر ينتظره الشاعر بعد أن أدماه صوت الأنين منذ ولادة الوجع فهو لا
يتناغم وإيمان الشاعر بالتغيير فالصمت تعبير عن الضعف وهو لا يريده وأسلوبية فذة
في التعبير عن حالة معينة هنا.
إنّي رجعْتُ وخيْلي قرْصَنتْ جَسدي = وقادَني
مُثقلاً بالهَمِّ مَوْلِدُهُ
فالخيل مفردة ذات معنى ودليل عز وسطوة فالحرف
الاستهلالي والتوكيدي للبيت هنا "إني" أتى ليمحور الذات التي لا ترضخ
للهموم فالقرصنة غمّ فُرض على الشاعر فكيف إن مورست على الجسد هو تآكل حسّي لذات
تبحث عن ملاذ للنّجاة والدليل هو الرجوع .
رجِعْتُ نحْوي وقد أخفيْتُ شاهِدَتي = ورحْتُ
سهْمَ الوفا بالقلبِ أُغْمِدُهُ
الرّجوع ثانية يفرض نفسه ولكن بثوب آخر أنّه
الثواب إلى الذات وإخفاء الشاهدة هو عصيان في وجه الحقيقة المريرة التي يراها
الشاعر بعينه الثاقبة والشاعرة فبالرغم من الإجحاف الحقيقي الذي يحياه الشاعر
بحاضره لكنّه يشاطر قلبه الوفاء وهو دليل على خصوبة الحزن وإمطاره بطرق شتى لتعقب
حالة ما
.
أجْهدْتُ نفسي وتأريخي تُمزِّقُهُ = حَرْبُ
الحروفِ على سَطري تُعَمِّدُهُ
الصراع لا يمتدّ ليطال جسد الشاعر بل هو صراع بين
الحروف فهي تتزاحم في شعره لترسم كلمات بحجم حزنه وكأن يجلد نفسه بسوط الكلمات
التي أدمت الحقائق التي يصل إليها فالتأريخ هجر الحروف بعد أن تعمدت بالعذابات .
تقلَّدَ العِزُّ أوْطاني وَقلّدَها = عِزَّاً
وجِئْتُ دمي حُبّاً أُقلِّدُهُ
فعُدْتُ وحْدي إلى قدّاسِ حضْرتِهِ = أسْعى وقلبي إلى نهريْهِ أرْشدُهُ
فعُدْتُ وحْدي إلى قدّاسِ حضْرتِهِ = أسْعى وقلبي إلى نهريْهِ أرْشدُهُ
فالوطن عزيز دائما بأبنائه فهاهو لا يبخل بدمه في
سبيل هذا الحبيب،، فهو قد بنا له في قلبه وروحه قداسا يسعى دائما للتعبّد لذلك
الحب كلما ألمّت به الأوجاع فالربط هنا بين السعي وفيه المشقة وبين النهر كمفردة
تنم بالعطاء
والحياة وكأن الشاعر يعود إلى التأمّل من جديد وقد امتلأ يقينه بالأمل .
فتّشْتُ عن رَجُلٍ في عَرْضِ باديتي = يَسوسُ لي
وطني حُقّاً ويُرْشِدُه
وكي يَسيرَ إلى برِّ الأمانِ به = وكلّ صَعْبٍ وما يَلْقى يُمَهِّدُهُ
وكي يَمُوتَ دِفاعاً عن شواطئِهِ = ومِنْ مَهاوي الرّدى والوَيْلِ يُنْجِدُهُ
وكي يَسيرَ إلى برِّ الأمانِ به = وكلّ صَعْبٍ وما يَلْقى يُمَهِّدُهُ
وكي يَمُوتَ دِفاعاً عن شواطئِهِ = ومِنْ مَهاوي الرّدى والوَيْلِ يُنْجِدُهُ
ويستمرّ السؤال لدى الشاعر البحث الحثيث والمتفرد
والبادية دلالة عميقة على معاناة متفرّدة، وكأنّه يصبو إلى حلم في كينونة شخص ما
ذو حكمة ورائدة ينقذ الوطن من الضياع.
فما وَجَدْتُ سِوى شِمْرٍِ تزعَّمَنَا = وألفُ
ألفِ حُسينٍ طاحَ مَعْبَدُهُ
ويتابع البحث في ذاكرة الوطن وربما في ذاكرته
التاريخية ليوقظ بنا ذكرى في الماضي ألا وهي الملك " شمر"وسطوته ويتعز
ربه الزعامة هنا بما أنّ كربلاءات قد تعدّدت بنا وهنا إيحاء إلى غلبة التفرق
والفرقة بين أبناء الوطن الواحد باسم الدين والعقيدة.
وإنّنا كرْبلاءاتٌ غَدا دمُنا = يجْري ومِقصلةٌ
ضِلعي تُجَرِّدُهُ
يتفرد الشاعر بحبّه لهذا الوطن وينشد الحاكم
العادل له وكأنّه في حالة خواء ويأس من هذا فقد تعدّدت النفوس وتجزّأ الحبّ بتجزأ
الطوائف والمذاهب وما استخدام حرف النصب وتكراره مرارا إلّا دلالة على تعزيز في
الطلب وتتابع لما يريد ضمنا وينتهي به الطلب الى صيغة قد تكون استفزازية او ربما
تهكمية وكثيرا ما نرى الشاعر قد نوع بين التجربة الاستقرائية لواقع نراه ملموسا وصيغة
استنتاجيه لما يتوقّعه من خلال توجّساته في هذه الصلاة الرائعة والتي ربط فيها ربط
الكلّ بالجزء حيث نرى هنا عملية استرجاع تاريخي لحدث وهناك حضور خفي لمكابدة وجع
قد يأتي فيما بعد وما الإيحاءات والترميزات إلّا تدعيما تلقائيا تصهره ذات الشاعر
المتفرّدة بالعطاء والشاعرية .
يُعَلِّقونَ ذئاباً وَحْدَهُمْ وَطني = على
حِبالِ الرّدى مُذْ ضاعَ مِقوَدُهُ
المقودُ حضور كثيف للسيطرة على المجريات وهو
تعزيز واضح لبداية البيت "يعلقون " فصيغة الجمع إدراك ضمني لعناصر تثير القلق والتوتر
وتنتهي إلى يقين بحتمية ما قد أصرّ الشاعر على تناولها بقوّة في الفعل "
تزعمنا
".
فهاهي الصيحة تعلو وبصيغة التأنيب والتحسر على من مضوا ومعهم ضاعت مقاود السفينة وقد أتى تعبير حبال الردى
فهاهي الصيحة تعلو وبصيغة التأنيب والتحسر على من مضوا ومعهم ضاعت مقاود السفينة وقد أتى تعبير حبال الردى
تعبيرا
دقيقا يصخب بالتأزم والتحسر على ما مضى وكأنه يشير إلى شخصية ما قد فقدت هنا.
صِرْنا حَصاداً ومذبوحٌ بنا وطرٌ = وصوْتُ
أمْواتِنا للكوْنِ ترْعِدُهُ
ويتابع الشاعر بنفس النبرة الحزينة والتي تضج
بالصخب فاستخدامه لكلمة حصاد دليل على تفاقم الوجع ولابد من استئصال الداء فمآربنا
باتت في تحت حد السكين بعد إن كانت الأموات تهابنا قبل الأحياء .
مِنْ ألفِ قرْنٍ وتاجُ المََجْدِ في يدِهِ = فمَنْ سواهُ خُطى العلياءِ تَنْشدُهُ
ها البيت يعزز ايمان الشاعر بترسيخ فكرة الماضي المضيء والذي لن يتبدّد نوره بل أسند إلى من الاستفهامية صورة رائعة تصدرت عجز البيت بإتقان ألا وهي خطى العلياء.
مِنْ ألفِ قرْنٍ وتاجُ المََجْدِ في يدِهِ = فمَنْ سواهُ خُطى العلياءِ تَنْشدُهُ
ها البيت يعزز ايمان الشاعر بترسيخ فكرة الماضي المضيء والذي لن يتبدّد نوره بل أسند إلى من الاستفهامية صورة رائعة تصدرت عجز البيت بإتقان ألا وهي خطى العلياء.
إنَّ الليالي وإنْ طالتْ حوالِكُها = لسوْف
يُوجدُها حَقٌّ وَتوْجِدُهُ
أغفو حَنيناً إلى ميلادِ قافيةٍ = وملءُ كَفيَّ نهْرٌ لا يُبَدِّدُهُ
أغفو حَنيناً إلى ميلادِ قافيةٍ = وملءُ كَفيَّ نهْرٌ لا يُبَدِّدُهُ
يتلو الشعر لتولد قوافيه كالنهر المتدفّق وهذا
جموح حرّ أصيل فالنهر دليل إلى كرم العطاء والبذل .
فالنور آتٍ مهما طالت حلكة اللّيالي ، وبإمعان وتأنٍّ يرجع
ويستأنف الشاعر المتألق إيمانه بالنصر ونسف جميع التوجّسات الأخرى .
فالنور آتٍ مهما طالت حلكة اللّيالي ، وبإمعان وتأنٍّ يرجع
ويستأنف الشاعر المتألق إيمانه بالنصر ونسف جميع التوجّسات الأخرى .
نِصْفَانِ كُنْتُ بلا مَأوى يُلمْلِمُني = نايُ
الشُّرودِ به الفوْضى تُشَرِّدُهُ
حين ينقسم المرء إلى نصفين هو لعمري دليل على تحوّل
إيجابيّ لما هو قد آمن به وتوظيفا جميلا لمفردات كالشرود والفوضى إعطاء بعد ذاتي
أعمق لواقع التنصيف أو ما المناصفة الذي يحياه الشاعر فهذه الثنائيات الرائعة /
نأي الشرود / الفوضى تشرّده تقف
بقوّة لتفسير افتقار الشاعر إلى المأوى، فكلمة المأوى حاجة مادية تقي الكائن الحيّ
ليعيش بسلام هنا الشاعر باقتدار حولها إلى توظيف دلالي لتأخد منحى إنساني فنراه في
البيت التالي:
نِصْفٌ يُعاني انْفلاتَ الوَقْتِ في قدَحٍ =
وبعْضُ نصْفٍ لبعْضٍ راحَ يُقعِدُهُ
يفسرُ تفسير المُفسّر ليتكأ على جمالية خاصة
لتوريد وجعه بصيغة تخدم الغرض من القصيدة ككلّ .
كأسي يطيحُ وكفّي لا تُلازِمُني = فمَنْ
سيَسْنِدُني لو جئْتُ أسْندُهُ
إنّي أرَمِّمُ جُرْحي لو هَوَتْ قَدَمي = وبعْضُ وجْهي بمِلْحِ الطينِ أُفرِدُهُ
إنّي أرَمِّمُ جُرْحي لو هَوَتْ قَدَمي = وبعْضُ وجْهي بمِلْحِ الطينِ أُفرِدُهُ
قدح / كأس مترادفتان ترتجفان في سطوة الابداع في
خلق ايقاعٍ متفرد لهذين الشطرين فنراها صور بنائية إيحائية تخلق بناءً محوريّا
للنصّ وبأسلوبية انتقاء المفردات والصور ليرشدنا إلى التحام الألم مع الأمل وما
مفردة
/ أرمم / إلّا استحضارٌ ماهر من شاعرنا
القدير.
مُبَدَّدٌ قلَقي حُزْني يُجَمِّعُني = مع
الدّموعِ ومَنْ مَوْتي سيُسْعِدُهُ
هُمْ يشْنقونَ مسَلاتي وخارِطتي = ويقتلونَ عراقاً بي توَحّدُهُ
هُمْ يشْنقونَ مسَلاتي وخارِطتي = ويقتلونَ عراقاً بي توَحّدُهُ
هنا تأزّم حقيقي لاستحضار فكرة كانت هي مدار
القصيدة ككلّ ألا وهي العنوان، هو الوجع الذي يتأرجح بين جمالية الذكرى واسترجاع
الماضي بكلّ جماليته فأتى إلينا التمازج الرائع بين مفردات تخلق ألفة رائعة بين
الدّموع التي تبدّد قلق الروح وما حضور المسلات إلّا حضور تاريخي رائع ويتركنا
الشاعر نراوح في ذهول في التفكير بمن / همْ / ؟ فالخارطة امتداد جغرافي لتشكيل جزء
واحد مكون من عدّة أجزاء والمسلات رمز تاريخ قويّ، ويختار شاعرنا الرائع الكلمة التي
هي واقع يعيشه على الأقل بداخله ألا وهي التوحّد أو التفرّد .
كوْني يدورُ وجبُّ الوَقْتِ غافلَني = وقدْ
رَماني ببابِ الوَهْمِ سَيِّدُهُ
أنا غُبارُ احْتراقٍ في رُؤى وَرَقي = وبي شظايا من المجْهولِ تُجْهِدُهُ
أنا غُبارُ احْتراقٍ في رُؤى وَرَقي = وبي شظايا من المجْهولِ تُجْهِدُهُ
ويعود الشاعر إلى طرح الوقت ولكن بأسلوب أدبي
جميل / وجبّ الوقت غافلني / فالوقت يمضي لا يتوقّف عند أيّ كان والجبّ هو رمز لعمقِ الألم على
مدار الزمن والذي تأتى إلى وهم والذي أعطى قفلة رائعة للبيت هنا فتصعيد الصور البيانية
المدعّمة باستعارات رائعة / غافلني / وهنا حذف ركن مهم من أركان التشبيه ليضع
مكانه / الوقت / والذي هو لا يقلّ قوّة عن ذاك المشبّه به ولكنّه يحضر بقوّة في
هذه الصورة .
/ أنا غبارُ احتراقٍ في رؤى ورقي / الله ما أجملها ! فالذات تُجلد بسوط التشظي والألم فعندما يتحوّل المرء إلى غبار احتراق أي إلى دخان والمفردة / دخان / وضعها لتعزيز الوصفية هنا للحالة، فالشاعر يطمح إلى أكثر من الرؤى على الورق فالمجهول يشكل له تخوّف حقيقي وإجهاد ملموس نزفه بإبداع وشاعرية فذّة .
/ أنا غبارُ احتراقٍ في رؤى ورقي / الله ما أجملها ! فالذات تُجلد بسوط التشظي والألم فعندما يتحوّل المرء إلى غبار احتراق أي إلى دخان والمفردة / دخان / وضعها لتعزيز الوصفية هنا للحالة، فالشاعر يطمح إلى أكثر من الرؤى على الورق فالمجهول يشكل له تخوّف حقيقي وإجهاد ملموس نزفه بإبداع وشاعرية فذّة .
يَلتَفُّ حَوْلي جريدُ النّخْلِ يُلبِسُني =
أحْلى العباءآتِ فيها اخْضرَّ موْعِدُهُ
فجريد النخل أو سعفه وهو تلك الأغصان التي تجرّدت
من أوراقها والمعروف أنّه في حالة اليباس يكون قويّا وليس من السهل كسره فكيف إذا
التفّ هذا الجريد حول الشاعر؟ هي صورة جميلة جدّا وكأنّ لجريد النخل يدان وتلبسان
الشاعر وماذا ؟ أحلى العباءات ،، هنا ثقة واضحة لدى الشاعر بالقوّة والاخضرار ولكن
للتّوقيت دور مهم عنده. هذا التمازج بين مضادّين من الطبيعة جريد النخل /
والاخضرار يحملان فصلين متناقضين في الطبيعة الشتاء والربيع ولكل منهما دلالاته في
الروح الشاعرة .
فأرتديها فيحني السَّعْفُ جبْهتَهُ = إلى
العِراقِ وفي عينيّ أرْصُدُهُ
هذا الأنينُ بَقايا نخْلةٍ يَبسَتْ = فمَنْ يمُدُّ يداً للغيْمِ يُنْجِدُهُ
هذا الأنينُ بَقايا نخْلةٍ يَبسَتْ = فمَنْ يمُدُّ يداً للغيْمِ يُنْجِدُهُ
ويتابع الشاعر وبمهارة بتشكيل استعارات جميلة تؤلّف
جمالية راقية كأن يحني السعف جبهته والسعف لا يملك جبهة فلماذا هنا استحضر هذه
المفردة / الجبهة / ؟ لقد استحضرها لتلخص مهمة الصلاة في العنوان
،فإيمان الشاعر بالغد الجميل وبقوّة بلده هو كمثل الإيمان الراسخ به كالعقيدة
والصلاة ربط روحي جميل وقوي . فالشاعر يقظٌ ومؤمن بهذا النصر الآتي أو القوة التي
يمتلكها العراق فعينيه ترصد كلّ ما يدور وما هذا الأنين وأيضا هنا استعارة رائعة
الانين يطلقه الانسان من الوجع فهو يستعيره للنخلة ويترك لنا عناء الجواب في الشطر
الثاني من البيت فالشاعر لايثق بالأيدي الخارجية لنجدة بلده وهو سؤال محوري قد
فنّد به إجابته بالفخر والثقة والإيمان من قبل ، فالغيم إيحياء لليباس وعودة
الحياة فمن هنا اشتراط واجب وتأطير رائع للأفكار وما تخزنه الذاكرة لدى الشاعر من
حدث يستوجب العمل الحقيقي لنجدة الأهم هنا وهو العراق .
سيَرْجِعُ الغيْمُ يُمْلي أرضَنا مطراً = وينبتُ
القمْحُ والأيامُ تَحْصدُهُ
أنا البقايا من الطوفانِ يا بلدي = فمَنْ يردُّ لأمْسي ما يُجَدِّدُهُ
أنا البقايا من الطوفانِ يا بلدي = فمَنْ يردُّ لأمْسي ما يُجَدِّدُهُ
ويتابع الشاعر ليسدي علينا صورا جميلة عن إيمانه
الراسخ بحلول الغيم وبثقة كبيرة يبدأ بيته بسين الاستقبال ليلصقها بمفردة لا تقلّ
روعة عن الإيمان بهطول المطر ليسقي اليباس ويخضرّ الزرع من جديد. فمفردة / القمح /
هنا قويّة فكيف إذا التصقت بالإنبات والمطر؟
ويستمرّ الشاعر بسرد وجعه بمهارة وشاعرية كبيرة فالطوفان يحلّ ويجرف الكثير والبقايا هي حزن الشاعر الكبير إلي تراكم نتيجة الوجع الذي يكابده. فمن يردّ لأمسي ما يجدده؟ هنا بحث في الأسباب واستنهاض لإيجاد الجواب واستباق للخروج من مأزق حقيقي وهمّ كبير .
وأخيرا وليس آخر أتمنّى لشاعرنا العربي الكبير خلف دلف الحديثي بأطيب الأماني وأجملها وأدعو له بطول العمر والنجاح المستمر لإثراء المكتبة العربية والعقل العربي بالشّعر المتفرّد كمّا ونوعا !!
ويستمرّ الشاعر بسرد وجعه بمهارة وشاعرية كبيرة فالطوفان يحلّ ويجرف الكثير والبقايا هي حزن الشاعر الكبير إلي تراكم نتيجة الوجع الذي يكابده. فمن يردّ لأمسي ما يجدده؟ هنا بحث في الأسباب واستنهاض لإيجاد الجواب واستباق للخروج من مأزق حقيقي وهمّ كبير .
وأخيرا وليس آخر أتمنّى لشاعرنا العربي الكبير خلف دلف الحديثي بأطيب الأماني وأجملها وأدعو له بطول العمر والنجاح المستمر لإثراء المكتبة العربية والعقل العربي بالشّعر المتفرّد كمّا ونوعا !!
الشاعرة / غادة قويدر
المملكة العربية السعودية
12/2/2013
المملكة العربية السعودية
12/2/2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.