فوق خدود الورد
في أهازيجه ندى ينشر وهمه
على جبينه يرقْ
ووُجوهٌ طفا عليها الغرقْ
تُراقصها الموجة
تنتفض على الأفُقْ
تعاودها لهفة للورد
شرّعت أجفانها للبَوحِ
تُرسل أنظارها، خيوطا شمسيّة
نفحة من الدّفء
كلٌّ يعانق قناعه
تُسدل مظلاّت قزحيّة
دون الورد وأحزان النّدى،
توصد حتّى المدى،
تحجب الطلّ
ووجهً ترنّح مبتعدا
يخفق في البال فراشة
يناهض الأقنعة
يخفي الوجوه بالأجنحة
عليه جفن الورد ينطبقْ
ما نسيناه
طوته الأعين الظمأى
طيٌّ لأبصارها
يتبرّج صورةً في الأحداق
ينغرز في خطوط
موفدا من طفرة الحبّ
من طفرة الماء
يندفق
سيلا
يبحث عن وجعه المفقود
يُعربد كالملسوعْ
تخاف مطرا ثائرا،
فتدركه المظلاّت
تتهرأ
تتلوّى
تتمزّق
تتلاشى
تندثر
مطر ينتصر
لعنكب بين الضّلوع
مازال ينتظر
يخيط الشّريان على الشّريان
ينسج الألم والوجع
(2)
قطر الورد يبدو
للعين صفاء
وللقلب ضياء،
للرّوح ارتواء
زخّة جود،
تختزل جمال الحياة
من سبلات الورود
تتكسّر
تتفتت
تطحن
تعجن
في حلم ما قطفناه
أمسى كالصّريم
سرقت ألوانه وابتساماته
ثمره، عشبه، وارتعاشاته
فهوى...
ركاما يعلو ظلاما
في عينيْ ضرير
باقات الورود
تراق ثغورها
شظيّة على شهوة الاعتصار
ورغبة في الاحتراق
ترفُل فوق موائد النار
كما يرفل المرّيخ في توهّجاته
يشتهي روحها
تمنحه براءتها
في أيّ قطرة منها
تكون له البديل
تنزع حلّتها الخضراء
تبكي عارية
لتولد دموع
وأخرى تموت
تنوح على أهداب منكسرات
قطر يراود الأجساد اليابسة
ينزّ من الشّرايين
ينضوي تحت فضاء ثقيل
آخر الحشرجات
وتنتحر السّبلات
مكابدة الأفول
قربانا لجسد مقتول
(3)
عطر لكلّ الأجساد
نبت الرّوائح مكان الخفقات
حين لم يكن للجسد روح
ولم تكن للرّوح...!
سوى لوحة بيضاء
يتقاذفها الفراغ والخواء
ذاكرة لحن
ما غنّيْناه
نشيج في مأتم الأملاك
صدى...ينعى
أسطورة كذبة
تتطاول نحو زمان لا يأتي
في حنجرة حسّون
تكون الزّمان له
في لحظة عابرة
تعزف تغريده الحمام
لها يطأطئ الورد هامته
سقطت منه كل الخلايا
فوق جيوب آنية
إلى ندم ما عشناه
(4)
يورق العرق
يطهّر الأجساد
يقدّ أثوابها
يسنّ نصل الصّمت
يدثّرها ويلجمها
صوت مسخ ولثام
يغطّيها اللّهب
سيولا تتدفق
تنسج مجاريها...
في صمتها الصّارخ
حمّى...
تتعرّى...
صرخة مرتحلة في ضباب المدى
كالهواء إلى الرئتين
تتناهى...في صرير الجنون
مجرى زمن قد أضعناه
في تبادل الأدوار
دور للخوف، دور للعصيان
غرقت في جزره السّنوات
تتدرّج في الرّيح
تتسرّب في لحظة فائتة
تأتي في قارب الانتظار
تتوارى عن ذاكرة النسيان
تراوح كشمس هوت لمغيبها
حتى اشتعال الظّلام
من ديوان ــــ حنين إلى زمن الضّباب ـــ
~للشّاعرة: سهام بن جميع~
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.