نادي الشّعر: أبو القاسم الشّابّي، تونس ~~ نادي الشّعر: أبو القاسم الشّابّي، تونس ~~ نادي الشّعر: أبو القاسم الشّابّي، تونس ~~
إنّ الشّعر كلامٌ راقٍ يصنعه الإنسان لتغيير مستوى الإنسان ~ نزار قباني ~ إنّ الشّعر كلام راقٍ يصنعه الإنسان لتغيير مستوى الإنسان ~نزار قباني ~

الاثنين، 17 سبتمبر 2012

أبو سعدية.... سوف عبيد


رقصة بوسعديّة

الأب سعيد
الأمّ سعيدة
والصّبية سعديّة
سمراء زنجيّـة
في الّليلة القمراء ظلت ترقص
كأنّها جنّـيّـة
طال السهر
غاب القمر
سكن الحيّ

عندئذ تسلّل قوم
قوم كتموا الأنفاس
يقودهم نخّاس

قصدوا الخيمة الخلفيّة
وخطفوا سعديّة
يا ناسْ... يا ناسْ
صاح أبو سعدّية
فعاجله الرّصاص
جريحا ظلّ ينادي
بـنْتِي... يا بُنيـّــة

وسعديّة
غابت مع الأعادي
والأعادي غابوا
في غُبار الثّنيّـة...

رغم الجراح
ومن دون سلاح
تحامل على قدميه أبو سعديّـة
ومضى من بريّة إلى بريّـــة
من طريق إلى طريق
من درب إلى درب
ليلاً ونهارْ
حتّى وصل إلى مدينةٍ
مدينةٍ عظيمةٍ
شاهقةِ الأسوارْ

إن أمكن الوصولُ
كيف إليها الدخولُ ؟
أمامه خندق
الخندق وراءه باب
الباب خلفه أبواب
حرّاس، بنادق، سيوف
وحراب...
هو الغريب
لا رفيق ولا صديق ...
وحده أبو سعديّـة
جريحا طريحا
بات في خربة منسيّـــة

وسعديّـــة يا أباها
على الطّرقات خُطاها
جميعُ البلاد طوتها
جنوبا شمالا.. مَداها
عند الشّروق أَسَاهَا
مع الغروب بُكاها
تُــرى هل يجود الزّمان
بيومٍ يكون هَنَاهَا ؟
سؤال وهزّ الفؤاد
ولكن… آه... وآهَـــا
الدّيك صاح
الفجرُ لاح
سمع أبو سعديّة
حيّا على الفلاح
فلاح له الفرجُ
مع الصبّاح ...

عندها أسرع إلى المُهملات
و مِن خِرَقٍ وجلودٍ وأشياء
على كلّ شكل ولون
خاط قناعا ورقاعا
وزركش صدريّة ورداء
وعلى حديد طَسْتٍ
وقعر إناء
نَــقَـر ضوضاء
ثّم دخل أبو سعديّة المدينة
من الباب الكبير
وهو يسير
بالرّقص... والغناء

صار أبو سعديّة
فُرجةً شعبيّــــة
ينتقّـلُ من حيّ إلى حيّ
من سُوق إلى سوق
ومن بطحاء إلى بطحاء
حوله الصّبيان والنّساء
راقصًا في حركاته
شاطحا في نقراته
مُهَمْهِمًا في كلماته
بلهجة زنجية
تفهمُها سعديّة

إن كنتِ في الشّباك
أطلّي...سأراك
إن كنتِ على السّطح
آتيك مع الصّبح
إن كنتِ مع الأطفال
آتيك في الزوال
إن كنتِ مع النّساء
آتيك في المساء
أحملك وأطيرْ
من قصر الأميرْ

مع كلّ عيد
وفي كلّ فصلٍ جديد
ما يزال أبو سعديّة
يعود في هيئته الزّنجية
يرقص ويغنّي
يقف...يدور... ثمّ يجري
وهو لا يدري
أنّنا في مدن الإسمنت والحديد
والقصدير والنّحاس
نحيا بلا إحساس
فثمّة كلّ يوم
ألفُ صبيّــــة
سمراء أو شقراء
تخطُفُها أيادٍ وحشيّة
تعصُرُها
تعصُرها
ثّم ترميها في الشوارع
الخلفيّـــة

* سوف عبيد
من ديوان ـ عُمر واحد لا يكفي ـ 2004

بوسعديّة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

free counters