الشّاعر الأردني: حسين نايف الفاعوري |
الشاعر حسين نايف
الفاعوري
حكاية شاعر: مسيرةُ شاعر، وسيرةِ إنسان
حكايتي مع الشّعر: الورقة الأولى:
قديماً عفتُ حليب أمّي
لا أدري ما السبب. لكنّي لمحت على رفّ المنزل كتاباً للشّعر والأدب فشربت منه حتّى
نمت من التّعب. ولأنّ والدي يجهل أبجديّة اللّغة العربيّة وكان أن وجد في غدواته
وروحاته كتابا مكتوبا بالخطّ الكوفي ومزخرف بزخارف شتّى فحسبه قرآنا كريما فرفعه بأعلى
ركن في المنزل خشية أن تدوسه الأقدام وما علم أنّه إنّما يضيء في حياتي أوّل شموع
المعرفة.
كنت في صغري أتشاقى كثيرا كي أصل إلى هذا الكتاب
حتّى أنّني لفتّ انتباه والدتي لكثرة تطلّعي تجاهه فأشفقت على رأسي الصّغير من النّظر
إلى الأعلى وهكذا قدّر لي أن أستدرّ عطف والدتي فتعطيني الكتاب لألهو به لكنّني ما
كنت أبحث عن متعة اللّهو فنهلت منه المنهل العذب. ومنذ تلك اللّيلة وأنا لا أنام إلاّ
والكتاب في أحضاني أتوسّده كامرأة ناضجة بين يديّ وكثيرا بل كثيرا جدّا ما كان
يباغتني والدي وأنا أرنو إليه بكلّ شغف وهيام وكان يشفق عليّ ويربّت على رأسي
ويقول: ألا ترى أنّه من المبكر عليك أن تتشبّث بهذا الكتاب ولم تعي خطواتك الأولى
بعد. فكنت أسمعه وأسرّ بداخلي، لكنّي لا أملك نطقا بعد يؤهّلني للرّدّ الفصيح ومع
مرور الأيّام أخذ والدي يشجعّني على القراءة وخصوصا القراءات الأكاديميّة ليعوّض
بي ما فاته وكان يصرّ على تعليمي لغة الحساب... لغة الضّرب والطّرح وكانت عودي أوهن
من أيّ ضرب اّو طرح لذا وجدت نفسي أعشق القسمة وكلّ ما يحمل بصفته الاشتراكية... وأذكر
أنّه ذات ليلة من ليالي الشّتاء وبينما نحن متحلّقين حول الموقد وكان لي من العمر
آنذاك عشر سنين أخذ والدي يسألني فاحِصًا: يوجد عندنا ثلاثة أرغفة فلو أردنا
قسمتها على ستّة جيران فكم يكون نصيب كلّ منهم. فسهمت ووجمت وعبست ويسرت، وبعد طول
تردّد أجبته سيكون حاصل القسمة أن ننام أنا وإخوتي دون عشاء تلك اللّيلة فضحك
كثيرا حتى استلقى على قفاه وفجأةً انتبه كمن مسّه مسّ من الجنّ وضرب كفّا بكفّ
وقال بحسرة لقد جنّ الفتى. ويوما بعد يوم تشرّبت
المرارات من كؤوس شتّى فشربت مرارة الحرمان والفراق ومرارة الفشل فقد فشلت في
دراستي الأكاديميّة وفشلت في أوّل تجربة لقلبي الغضّ... وكانت ماجدة...
ماجدة أمرّ المرارات في
قلبي وفي حياتي.. ولأنّ ماجدة حلفت يمينا قاطعا أن تطيل جدائلها وأن تدع ذوائبها
على هواها كرما لعيوني فما أوفت بالنّذر وعقصتها عند أوّل لقاء بيننا ولأنّ ماجدة
حلفت بكلّ مقدّسة أن لا تخون... فخانت... وأن لا تهون... فهانت... ولأنّ ماجدة
مثل بقيّة أولاد حارتنا وصباياها الصّغار كانت تطارد الفرح المنسيّ في أدراج الطّفولة
هربت منّي مثل غزالة برّيّة شاردة من صيّاد يطاردها... ولأنّ ماجدة وجع القلب
ومرارة الفراق والحرمان ككلّ صبايا بلادي تحمل في جوفها كلّ أسرار العشق ولا تبوح
به ولأنّها مثل جواري بلادي تحبّ وتعشق ولا تتزوّج من حبيبها ولأنّي قرأت في
عينيها وقت الرّحيل مزامير العشق والجنون وقرأت في عيونها عن بقايا حبّات شوق
نثرتها الحياة في الطّرقات المقفرة كنت لهذا أعشق الطّرقات المقفرة لألقط منها حبّات
العشق الّتي نثرتها ماجدة... ولأنّ حضن ماجدة أمسى
وأصبح أبرد من ثلوج سيبيريا. ولأنّ المسافة بيننا أصبح يحرسها ألف ذئب وخنزير...
لهذا كلّه ولأكثر من ذلك كانت ماجدة أمرّ المرارات في قلبي فوجدتني أهرب إلى بيت
الشّعر أداوي به جراحات نكأتني وأجبر نفسا كسيرة وأبحث عن روح طاردها الشّيطان
فهامت على وجهها ولم تجد المستقرّ.
الشّعر أصبح حاناتي الّتي
أرتادها وأصبحت أقداحه تشربها روحي وتسري معها سريان الدّم في عروقي حتّى أصبح الشّعر
جنين قضيّتي فبدأ ينمو في رحمي يوما بعد يوم وكثيرا ما كانت تأتيني ليالي المخاض
العسيرة فأفرّ من كلّ الوجود وأهيم على وجهي إلى كهوف أحزاني الكسيرة كي أولد من
جديد وبدأ الجنين يكبر وأصبح شقيّا مشاكسا لا يعتريه نصب أو خمول وكان كثيرا ما
يتربّص بي ساكنا فيتقافز أمامي كجنّيّ مهووس فأجدني أركض خلفه سابرا في غيي وحاملا
على عاتقي كلّ المواجع فيصيبني التّعب فيشفق عليّ ويطلعني على مكنونات أسراره
وهكذا كانت البداية.
حسين نايف الفاعوري الورقه
الثانية:
استطاع أن يشجّ بشعاع حزنه
بكارة الرّوح. ويجبرنا على حرق الصّواري بعد العبور إلى مضائق الوجع والاغتراب... يغرق في تقديم الوطن حدّ الدّروشة مذ كان وطنه عروسا بحريّة. مخبّأة
بطيّات الغياب عنقها لولو وشعرها سنابل من ريحان، مرورا بالنّكسة والتّشرّد والفجيعة
والقتل والنّفي... حيث يحاول أن يحرق أصابعه العشرة ليكثّف الحزن في بوتقة الجرح
ليتساقط غيضا من صدور بنات المخيّم والثوّار. إن ألقى شعرا فروحه خرائب وكلماته
مصائب يعلن التّمرّد والعصيان والكفر اليائس المقترب من حد الانتحار. ( إنّي أكفر الآن بكلّ الأشياء المستعبدة واأعلن عصياني وأتودّد بشوق
لحدّ المقصلة) سنابك حلمه غاصت في رمال الواقع فانسلّ كئيبا من شفة الحبّ كالنّسيان،
فرحه مغتصب، وروحه قطعة خشب نخرها الحنين حدّ النّخاع، يحرّك بشعره الهواء الرّاكد
المثقل برطوبة الحزن. حزين كئيب وعاشق متيّم طوى صفحة الشّعر خمسة عشر عاما وطلّقه
طلاقا بائنا بينونة كبرى ولمّا مرّ الرّكب على جبّ وحدته التقطوه فارسا ليعيد
للكلمة عنفوانها.
إصدارات الشّاعر حسين نايف الفاعوري
له ديوانان شعريّان
قديمان مطبوعان هما:
~ عروس البحر دعتني
~ عروس البحر دعتني
~غبش الرؤيا
~وله عدة قصائد مخطوطة
~ له مخطوطة انكسار
الوهم
-رئيس ملتقى آفاق الثقافي عضو بعدّة ملتقيات ثقافيّة واجتماعيه ناشط ثقافيّ اجتماعيّ.
-رئيس ملتقى آفاق الثقافي عضو بعدّة ملتقيات ثقافيّة واجتماعيه ناشط ثقافيّ اجتماعيّ.
إنّه الشّاعر الأردني حسين
نايف الفاعوري من مواليد مدينة السلط عام 1964 متزوّج
وله ثلاثة أبناء درس للثانوية العامّة في مدينة السلط وبعدها ولضيق ذات اليد التحق
بسلك الأمن العام الأردني عام 1982 واستمر بالخدمة لعام 1998 ، وبعدها عمل في مجال السياحة والسّفر لغاية الآن. هذه
هي قصّة مسيرتي بالحياة.
~بقلم الشّاعر الأردني،
حسين نايف الفاعوري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.